من المتعارف عليه أن الفن ظاهرة أو شكل من أشكال النشاط الإنساني،
وإن أهميته تتحدد من حيث هو عامل أساسي في هذا النشاط المكون لمجمل ثقافة الإنسان،
وهو الكائن الإجتماعي الذي يعمل على تغيير الطبيعة وتحويلها تلبية لحاجاته
المتنامية والمتبدله وفق ظروفه الإجتماعية وتطورها. وان يكن الفن على علاقة وثيقة
ومباشرة بمختلف القوى الفاعلة في تاريخ تطور المجتمع، ولا ينفصل عن مجموعة
العلاقات الاجتماعية، فإنه لا يسعنا أن ننظر إلى العمل الفني على أنه مجرد مرآه
ينعكس فيها عالم خارجي لا يتغير، أو ننظر إليه على أنه مجرد شاشة تعكس عالما
داخليا. فهو، وان تعددت الآراء وتباينت مناهجها وطرق تأويلها، نموذج تشكيلي يوضح
تلك العلاقات القائمة بين هذين العالمين، بين الإنسان والعالم الخارجي. أي أن
اللغة الفنية، الوثيقة الصلة بمختلف النشاطات الاجتماعية، غنية ومتغيرة، خلاقة،
تمكن الفنان من تخطي ذاته واحتواء العالم المحيط به. أي أن الشكل الفني، المعبر
الفردي والشخصي، هو أيضا اتصالي واجتماعي، يسهم في أن يجعل من فردية الفنان فردية
اجتماعية، بعد أن يكون قد تعرف على تجارب الآخرين، وأصبح بمقدوره أن يتحكم
بالتجربة، وأن يحول هذه التجربة إلى ذكرى، ويحول الذكرى إلى تعبير، ويحول المادة
إلى شكل.
المرجع:
كتاب (التيارات الفنية المعاصرة) للدكتور محمود أمهز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق